عودة أندريسكو- توازن جديد بين الملعب والحياة

الرياض: قضت بيانكا أندرييسكو وقتاً أطول مما كانت ترغب فيه بعيداً عن جولة التنس منذ اقتحامها المشهد في عام 2019.
شهد ذلك الموسم المذهل قبل ست سنوات أن أصبحت أندرييسكو البالغة من العمر 19 عاماً أول كندية تفوز بلقب فردي في البطولات الأربع الكبرى عندما هزمت سيرينا ويليامز في نهائي بطولة أمريكا المفتوحة.
أنهت ذلك العام وهي تحتل المرتبة الرابعة عالمياً بعد أن بدأت العام وهي خارج قائمة أفضل 150 لاعبة.
كانت مسيرتها المهنية رحلة متقطعة منذ ذلك الحين، حيث أدى عدد كبير من الإصابات، والاستراحة المفروضة ذاتياً لأسباب تتعلق بالصحة العقلية، ومؤخراً استئصال الزائدة الدودية، إلى إبقائها على الهامش لفترات زمنية مختلفة.
تستهل أندرييسكو حالياً عودة أخرى بعد توقف دام ستة أشهر، وافتتحت حملتها التأهيلية لبطولة رولان غاروس بقوة، حيث قدمت أداءً قوياً بنتيجة 6-0 و6-0 ضد الصينية ياو شينشين يوم الاثنين لتتأهل إلى الدور الثاني.
تتنافس أندرييسكو، المصنفة 102 عالمياً هذا الأسبوع، في الأدوار التأهيلية لإحدى البطولات الأربع الكبرى للمرة الأولى منذ بطولة أستراليا المفتوحة 2019.
عادت الكندية البالغة من العمر 24 عاماً إلى المنافسة في أبريل بعد غيابها عن الأشهر الثلاثة والنصف الأولى من الموسم لأسباب شخصية، بالإضافة إلى جراحة طارئة لإزالة الزائدة الدودية في فبراير.
بدت أندرييسكو أكثر لياقة وأكثر صحة من أي وقت مضى، وأرسلت إشارة قوية في روما الأسبوع الماضي، حيث حققت فوزين على لاعبتين من أفضل 20 لاعبة، على حساب بطلة ويمبلدون السابقة إيلينا ريباكينا والحائزة على الميدالية الفضية الأولمبية دونا فيكيتش، في طريقها إلى دور الـ 16.
رحلة طويلة من البحث عن الذات والتطوير الذاتي هي التي ساعدت أندرييسكو في الوصول إلى ما هي عليه اليوم. لكنها تعترف بأن شهيتها للتعلم وإيجاد تجارب ذات مغزى خارج الملعب لا تجعل حياتها أسهل دائماً على الملعب.
تعمل أندرييسكو منذ سنوات على إيجاد الإشباع خارج الفوز بمباراة تنس. خلال استراحة أخذتها في عام 2022، بدأت العمل التطوعي في العديد من الجمعيات الخيرية، بما في ذلك مأوى للنساء المخصص لضحايا العنف المنزلي.
حرصت على أن تكون استراحتها الأخيرة بنفس القدر من الإنتاجية.
قالت أندرييسكو لـ "عرب نيوز" في وقت سابق من هذا الشهر: "لقد فعلت الكثير من الأشياء. بعد طوكيو [في أكتوبر 2024]، لم أكن في حالة جيدة ذهنياً، لذلك بما أنني كنت في تلك المنطقة، ذهبت إلى تايلاند، وقمت بالكثير من العمل التطوعي هناك مع الأطفال".
أمضت بعض الوقت في فوكيت وتشيانغ ماي، وساعدت في جلب الطعام والماء والملابس إلى المناطق الفقيرة.
وأضافت: "لقد كان الأمر متواضعاً للغاية، ومن الواضح أنهم كانوا أشخاصاً رائعين. لقد ساعدني ذلك بالتأكيد على الدخول في حالة ذهنية أفضل".
وبينما كانت تستعد للعودة إلى الجولة في "Sunshine Double" في إنديان ويلز وميامي في مارس، تأخر تقدم أندرييسكو بسبب جراحة استئصال الزائدة الدودية.
وأوضحت: "لكن ذلك أدى إلى أشياء أخرى؛ لذلك ذهبت في رحلتين علاجيتين".
وأضافت: "لقد قمت برحلة علاجية عبر الإنترنت مع توني روبينز، ثم قمت برحلة علاجية شخصية مع جو ديسبينزا [في بازل]. لقد قرأت جميع كتبه، وأتحدث عنه كثيراً. لقد ذهبت إلى إحدى رحلاته العلاجية للدخول حقاً في تلك العقلية، والعودة إلى الرياضة".
كما زارت جديها في رومانيا.
قالت أندرييسكو: "إنهما أكبر داعمين لي، وبصراحة، عندما أمر بأوقات صعبة في الملعب، أفكر فيهما حقاً، وهما يمنحانني حقاً الثقة للمضي قدماً وأن أكون أفضل في الملعب، لذلك كان الأمر لطيفاً حقاً".
كانت استعادة الصحة أولوية قصوى بالنسبة لأندرييسكو، التي أمضت شهوراً في البحث عن خطط تغذية مختلفة قبل أن تستقر على نظام "Bulletproof diet" الخاص بديف أسبري. وقالت إن الكثير من إصاباتها السابقة كان يمكن أن تُعزى إلى زيادة الوزن وهي سعيدة بكل العمل الذي أنجزته "لتصبح أكثر رشاقة".
أندرييسكو، التي عادت الآن إلى الجولة وتشُق طريقها عبر الأدوار التأهيلية لبطولة فرنسا المفتوحة، مسلحة بثروة من المعرفة والتجارب الواقعية التي لم تكن لتجمعها أبداً لو كانت في جولة التنس بدوام كامل.
اعترفت قائلة: "إنه أمر رائع بالتأكيد، ولكن في بعض الأحيان يمكنني أن أفرط في التفكير في رأسي بكل المعلومات التي أسعى إليها".
وتابعت: "لأنني، نعم، لدي الكثير من الاهتمامات خارج الملعب، وهذا يمكن أن يكون مفيداً، ولكن أيضاً لا. لأنني إذا عدت إلى عام 2019، نعم، قرأت كتباً وأشياء من هذا القبيل، لكنني كنت لا أزال في عصر "الجهل نعيم"، وأحياناً يكون ذلك لطيفاً حقاً، لأنني بالتأكيد يمكنني أن أفرط في التفكير في رأسي".
وأضافت: "لكنه يساعدني كثيراً في طريقة النمو كشخص داخل وخارج الملعب، مليون بالمئة. وأعتقد أن هذا هو ما تدور حوله الحياة، وأعتقد أن هذا هو السبب في أنني أسعى أيضاً إلى هذه التجارب، وخاصة العمل التطوعي. بالنسبة لي، هذا أمر مهم للغاية".
يمكن أن يظهر "الدخول في رأسها" بطرق مختلفة وتحاول أندرييسكو التوضيح ببعض الأمثلة.
تقول: "لنفترض أنني أشعر بالتوتر. لدي كل هذه الأدوات تحت تصرفي التي يمكنني استخدامها لمساعدتي في ترويض هذا التوتر. ولكن يمكنني أيضاً أن أسلك طريق الانسياق مع التيار والسماح للتوتر بالوصول إلي واستخدامه لصالحي".
وتضيف: "لذا فإن الأمر يتعلق بإيجاد هذا التوازن، على سبيل المثال، لأنني أعرف أنني يمكنني أن أبلي بلاءً حسناً عندما أكون متوترة، ولكنني أعرف أيضاً أنني يمكنني أن أبلي بلاءً حسناً عندما أكون أكثر هدوءاً وتركيزاً، لذلك الأمر غريب بعض الشيء بهذه الطريقة".
وتتابع: "والجزء الآخر هو أنني أشعر أنني بحاجة دائمة إلى فعل شيء ما وبحاجة دائمة إلى تعلم شيء ما، وهذا يمكن أن يكون مرهقاً للغاية لأنه في بعض الأحيان، على سبيل المثال، إذا لم أكتب في مذكراتي يوماً ما، يمكنني أن أفرط في التفكير في رأسي، وإذا خسرت مباراتي اليوم، فربما أفكر، "آه، لو كتبت في مذكراتي بالأمس، ربما كنت سأفوز". أشياء صغيرة من هذا القبيل".
لا يزال تحقيق هذا التوازن قيد التقدم بالنسبة لأندرييسكو، لكنها بالتأكيد تشعر بالتمكين من خلال كل مساعيها خارج الملعب وتشعر بأنها "مختلفة تماماً حتى عن ستة أشهر مضت".
يكمن أكبر تحدٍ لها في التخلص من جميع المقارنات التي يجريها الناس بين من هي عليه الآن، كلاعب، ومن كانت عليه خلال حملتها المذهلة في عام 2019. وهي تعترف بأنه فخ تقع فيه هي نفسها أحياناً.
توضح: "الأمر يتعلق بكيف يمكنني أن أكون بيانكا الآن بدلاً من كيف يمكنني أن أكون بيانكا من العام الماضي، أو حتى، كما تعلمون، عام 2019، أليس كذلك ؟ لأن الجميع يتحدثون عن عام 2019، لكن الأمر لن يكون كذلك أبداً. لذا فإن الأمر يتعلق بإيجاد من هي بيانكا الآن هو الشيء الأكثر أهمية".
وتضيف: "يمكنني بالتأكيد أن يكون لدي علاقة سامة بطريقة ما مع الرياضة، لذا فإن الأمر يتعلق حقاً بالتركيز على منح نفسي نعمة، نعم، أنا شخص مثالي وأعرف أين يمكن أن يكون مستواي، ولكن أيضاً، أنا لست نفس الشخص الذي كنت عليه في عام 2019، لأن الناس يقارنونني دائماً بعام 2019، وأنا أيضاً. لقد كانت هذه إلى حد ما هي الرواية المهنية لحياتي".
وتختتم: "لذلك فإن الأمر يتعلق فقط بمنح نفسي نعمة وصبر لأنني بطريقة ما ما زلت صغيرة".
قبل شهر من عيد ميلادها الخامس والعشرين، لدى أندرييسكو كل الأسباب للاعتقاد بأن الأفضل لم يأت بعد.